الأحد، 23 ديسمبر 2012

ابن خفاجة


يا رُبّ قَطرٍ جامِدٍ حَلّى بهِ، 

 


يا رُبّ قَطرٍ جامِدٍ حَلّى بهِ، نَحرَ الثّرَى ، بَرَدٌ تَحدّرَ صائبُ
حصبَ الأباطحَ منهُ ماءٌ جامدٌ غَشّى ، البلادَ بهِ، عَذابٌ ذائِبُ
فالأرضُ تَضحَكُ عن قلائدِ أنجمٍ، نُثِرَتْ بها، والجَوُّ جَهْمٌ قاطِبُ
فكأنما زنتِ البسيطة ُ تحتهُ فأكبّ يرجمها الغمامُ الحاصبُ


الشاعر : ابن خفاجة (شاعر في العصر الاندلسي )

أبو إسحاق الألبيري لو كنت في ديني من الابطال

 لو كنت في ديني من الابطال



لو كنت في ديني من الابطال ما كنت بالواني ولا البطال
ولبست منه لأمة فضاضة مسرودة من صالح العمال
لكنني عطلتأقواس التقى من نبلها فرمت بغير نبال
ورمى العدو بسهمه فأصابني إذا لم احصن جنة لنضال
فأنا كمن يلقى الكتبية اعزلا في مأزق متعرضا لنزال
لولا رجاء العفو كنت كناقع برح الغليل برشف لمع الآل
شاب القذال فآن لي أن أرعوي لو كنت متعظا بشيب قذال
ولو انني مستبصرا إذ حل بي لعلمت أنم حلولة ترحالي
فنظرت في زاد لدار إقامتي وسألت ربي أن يحل عقالي
فلكم هممت بتوبة فمنعتها إذ لم أكن أهلا لها وبدالي
ويعز ذاك علي إلا أنني متقلب في قبضة المتعالي
ووصلت دنيا سوف تقطع شأفتي بأفول انجمها وخسف هلالي
شغلت مفتن أهلها بفتونها ومن المحال تشاغل بمحال
لا شيء أخسر صفقة من عالم لعبت به الدنيا مع الجهال
فغدا يفرق دينه أيدي سبا ويزيله حرصا لجمع المال
لا خير في كسب الحرام وقلما يرجى الخلاص لكاسب لحلال
ما إن سمعت بعائل تكوى غدا بالنار جبهته على الإقلال
وإذا اردت صحيح من يكوى بها فاقرأعقيبة سورة الأنفال
ما يثقل الميزان إلا بامرىء قد خف كاهله من الأثقال
فخد الكفاف ولا تكن ذا فضلة فالفضل تسأل عنه أي سؤال
فهم وأنت وفقرنا وغناهم لا يستقر ولا يدوم بحال
وطف البلاد لكي ترى آثار من قد كان يملكها من الأقيال
عصفت بهم ريح الردى فذرتهم ذرو الرياح الهوج حقف رمال
وتزلزلت بهم المنابر بعد ما ثبتت وكانوا فوقها كجبال
واحبس قلوصك ساعة بطلولهم واحذر عليك بها من الأغوال
فلكم بها من أرقم صل وكم قد كان فيها من مها وغزال
ولكم غدت منها وراحت حلبة للحرب يقدمها ابو الأشبال
فتقطعت أسبابهم وتمزقت ولقبل ما كانوا كنظم لآل
وإذا أتيت قبورهم فاسألهم عما لقوا فيها من الأهوال
فسيخبرونك إن فهمت بحالهم بعبارة كالوحي لا بمقال
من لا يراقب ربه ويخافه تبت يداه وما له من وال

 الشاعر : أبو إسحاق الألبيري ( شاعر من العصر الاندلسي )

الجمعة، 21 ديسمبر 2012

المقامات


يعتبر كتاب المقامات أشهر مؤلفات بديع الزمان الهمذاني الذي له الفضل في وضع أسس هذا الفن وفتح بابه واسعاً ليلجه أدباء كثيرون أتوا بعده وأشهرهم أبو محمد القاسم الحريري وناصف اليازجي.
والمقامات مجموعة حكايات قصيرة متفاوتة الحجم جمعت بين النثر والشعر بطلها رجل وهمي يدعى أبو الفتح الإسكندري وعرف بخداعه ومغامراته وفصاحته وقدرته على قرض الشعر وحسن تخلصه من المآزق إلى جانب أنه شخصية فكاهية نشطة تنتزع البسمة من الشفاه والضحكة من الأعماق. ويروي مغامرات هذه الشخصية التي تثير العجب وتبعت الإعجاب رجل وهمي يدعى عيسى بن هشام.
و لهذا المؤلف فضل كبير في ذيوع صيت ' بديع الزمان الهمذاني لما احتواه من معلومات جمة تفيد جميع القراء من مختلف المشارب والمآرب إذ وضعه لغاية تعليمه فكثرت فيه أساليب البيان وبديع الألفاظ والعروض, وأراد التقرب به من الأمير خلف بن أحمد فضمنه مديحاً يتجلى خاصة فيالمقامة الحمدانية والمقامة الخمرية فنوع ولون مستعملاً الأسلوب السهل, واللفظ الرقيق, والسجع القصير دون أدنى عناء أو كلفة.
و تنطوي المقامات على ضروب من الثقافة إذ نجد بديع الزمان'‘ يسرد علينا أخباراً عن الشعراء في مقامته الغيلانية'‘ و'‘ مقامته البشرية ويزودنا بمعلومات ذات صلة بتاريخ الأدب والنقد الأدبي في مقامته الجاحظية و القريضية والإبليسية, كما يقدم فيالمقامة الرستانية وهو السني المذهب, حجاجاً في المذاهب الدينية فيسفه عقائد المعتزلة ويرد عليها بشدة وقسوة, ويستشهد أثناء تنقلاته هذه بين ربوع الثقافة بالقرآن الكريم والحديث الشريف, وقد عمد إلى اقتباس من الشعر القديم والأمثال القديمة والمبتكرة فكانت مقاماته مجلس أدب وأنس ومتعة وقد كان يلقيها في نهاية جلساته كأنها ملحة من ملح الوداع المعروفة عند أبي حيان التوحيدي في "الامتناع والمؤانسة", فراعى فيها بساطة الموضوع, وأناقة الأسلوب, وزودها بكل ما يجعل منها:
  • وسيلة للتمرن على الإنشاء والوقوف على مذاهب النثر والنظم.
  • رصيد لثروة معجمية هائلة
  • مستودعاً للحكم والتجارب عن طريق الفكاهة
  • وثيقة تاريخية تصور جزءاً من حياة عصره وإجلال رجال زمانه.
كما أن مقامات الهمذاني تعتبر نوا ة المسرحية العربية الفكاهية, وقد خلد فيها أوصافاً للطباع الإنسانية فكان بحق واصفاً بارعاً لا تفوته كبيرة ولا صغيرة, وأن المقامات هذه لتحفة أدبية رائعة بأسلوبها ومضمونها وملحها الطريفة التي تبعث على الابتسام والمرح، وتدعو إلى الصدق والشهامة ومكارم الأخلاق التي أراد بديع الزمان إظهار قيمتها بوصف ما يناقضها، وقد وفق في ذلك أيما توفيق.

بديع الزمان الهمذاني


أبو الفضل أحمد بن الحسين بن يحي بن سعيد المعروف ببديع الزمان الهمذاني ، (358 هـ/969 م - 395 هـ/1007 م)، كاتب وأديب من أسرة عربية ذات مكانة علمية مرموقة استوطنت همذان وبها ولد بديع الزمان فنسب إليها، وقد كان يفتخر بأصله العربي إذ كتب في أحد رسائله إلى أبي الفضل الأسفرائيني: «إني عبد الشيخ، واسمي أحمد، وهمذان المولد وتغلب المورد، ومضر المحتد». وقد تمكن بديع الزمان بفضل أصله العربي وموطنه الفارسي من امتلاك الثقافتين العربية والفارسية وتضلعه في آدابهما فكان لغوياً وأديبًا وشاعراً ورافي عام 380 هـ، انتقل بديع الزمان إلى أصفهان فانضم إلى حلبة شعراء الصاحب بن عباد، ثم يمم وجهه شطر جرجان فأقام في كنف أبي سعيد محمد بن منصور وخالط أسرة من أعيان جرجان (تعرف بالإسماعيلية) فأخذ من علمها الشيء الكثير ثم ما فتئ أن نشب خلاف بينه وبين أبي سعيد الإسماعيلي فغادرجرجان إلى نيسابور، وكان ذلك سنة (382هجرية/ 992ميلادية) واشتدت رغبته في الاتصال باللغوي الكبير والأديب الذائع الصيت أبي بكر الخوارزمي, ولبى هذا الخوارزمي طلب بديع الزمان والتقيا, فلم يحسن الأول استقبال الثاني وحصلت بينهما قطيعة ونمت بينهما عداوة فاستغل هذا الوضع بعض الناس وهيؤوا للأديبين مناظرة كان الفوز فيها لبديع الزمان بفضل سرعة خاطرته, وقوة بديهته. فزادت هده الحادثة من ذيوع صيت بديع الزمان عند الملوك والرؤساء وفتحت له مجال الاتصال بالعديد من أعيان المدينة, والتف حوله الكثير من طلاب العلم, فأملى عليهم بأكثر من أربعمائة مقامة (لم يبقى منها سوى اثنتان وخمسون).
لم تطل'" إقامة بديع الزمان"' بنيسابور وغادرها متوجها نحو سجستان فأكرمه أميرها خلف بن أحمد أيما إكرام, لأنه كان مولعا بالأدباء والشعراء. وأهدى إليه "'بديع الزمان"' مقاماته إلا أن الوئام بينهما لم يدم طويلا, فقد تلقى "'بديع الزمان"' يوما من الأمير رسالة شديدة اللهجة أثارت غضبه, فغادرسجستان صوب غنزة حبث عاش في كنف السلطان محمود معززا مكرماً, وكانت بين أبي العباس الفضل بن أحمد الأسفرائي وزير السلطان محمود عدة مراسلات, وفي آخر المطاف حط رحاله بديع الزمان بمدينة هرات فاتخذها دار إقامة وصاهر أبا علي الحسين بن محمد الخشنامي أحد أعيان هذه المدينة وسادتها فتحسنت أحواله بفضل هذه المصاهرة, وبمدينة هرات لفظ أنفاسه الأخيرة سنة(395هجرية/1007ميلادية) ولم يكن قد بلغ الأربعين من عمره، فودع الحياة التي خبرها.

بحور الشعر


بحور الشعر ستة عشر بحرًا وهي: الطويل، المديد، البسيط، الوافر، الكامل، الهزج، الرجز، الرمل، السريع، المنسرح، الخفيف، المضارع، المقتضب، المجتث، المتقارب، المتدارك. اكتشف الخليل بن أحمد منهم 15 بحرا مستعملا وعد المتدارك، وهو البحر السادس عشر، مهملا. ولكن تلميذه الأخفش رأى أن البحر السادس عشر كان مستعملا، فتداركه على أستاذه وعده من البحور المستعملة. وقد جمعها أبو الطاهر البيضاوي في بيتين:
طويل يمد البسط بالوفر كاملُويهزج في رجز ويرمل مسرعا
فسرح خفيفا ضارعا يقتضب لنامن اجتث من قرب لندرك مطمعا
وقد نظم صفي الدين الحلي بيتا لكل بحر سميت مفاتيح البحور ليسهل حفظها.
الترتيبالبحرأصل تفاعليهمرات تكرار الأصلمفتاح البحر
1الطويلفعولن مفاعيلن4طويلٌ له دون البحور فضائلٌ      فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
2المديدفاعلاتن فاعلن4لمديد الشعر عندي صفاتُ      فاعلاتن فاعلن فاعلاتن
3البسيطمستفعلن فاعلن4إن البسيط لديه يبسط الأملُ      مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن
4الوافرمفاعلتن6بحور الشعر وافرها جميل      مفاعلتن مفاعلتن فعولن
5الكاملمتفاعلن6كمل الجمال من البحور الكامل      متفاعلن متفاعلن متفاعلن
6الهزجمفاعيلن6على الأهزاج تسهيل      مفاعيلن مفاعيلن
7الرجزمستفعلن6في أبحر الأرجاز بحرٌ يسهل      مستفعلن مستفعلن مستفعلن
8الرملفاعلاتن6رمل الأبحر ترويه الثقات      فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
9السريعمستفعلن مستفعلن مفعولات2بحرٌ سريع ماله ساحل      مستفعلن مستفعلن فاعلن
10المنسرحمستفعلن مفعولات مستفعلن2منسرح فيه يضرب المثل      مستفعلن مفعولات مفتعلن
11الخفيففاعلاتن مستفعلن فاعلاتن2يا خفيفاً خفّت به الحركات      فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن
12المضارعمفاعيلن فاعلاتن مفاعيلن2تعدّ المضارعات      مفاعيلُ فاعلاتن
13المقتضبمفعولات مستفعلن2اقتضب كما سألوا      مفعلات مفتعلن
14المجتثمستفعلن فاعلاتن2أن جثت الحركات      مستفعلن فاعلاتن
15المتقاربفعولن8عن المتقارب قال الخليل      فعولن فعولن فعولن فعول
16المحدث
(ويسمى الخبب أو المتدارك)
فاعلن8حركات المحدث تنتقل      فعلن فعلن فعلن فعل

الاثنين، 17 ديسمبر 2012

أليلتنا بذي حسمٍ أنيري



أليلتنا بذي حسمٍ أنيري إذا أنتِ انقضيتِ فلاَ تحوري
فإنْ يكُ بالذنائبِ طالَ ليلي فقدْ أبكي منَ الليلِ القصيرِ
وَأَنْقَذَنِي بَيَاضُ الصُّبْحِ مِنْهَا لقدْ أنقذتُ منْ شرًّ كبيرِ
كأنَّ كواكبَ الجوزاءِ عودٌ مُعَطَّفَة ٌ عَلَى رَبْعٍ كَسِيرٍ
كأنَّ الفرقدينِ يدا بغيضٍ أَلَحَّ عَلَى إَفَاضَتِهِ قَمِيرِي
أرقتُ وَ صاحبي بجنوبِ شعبٍ لبرقٍ في تهامة َ مستطيرِ
فَلَوْ نُبِشَ المَقَابِرُ عَنْ كُلَيْبٍ فيعلمَ بالذنائبِ أيُّ زيرِ
بِيَوْمِ الشَّعْثَمَيْنِ أَقَرَّ عَيْناً وَكَيْفَ لِقَاء مَنْ تَحْتَ الْقُبُورِ
وَ أني قدْ تركتُ بوارداتٍ بُجَيْراً فِي دَمٍ مِثْلِ الْعَبِيرِ
هَتَكْتُ بِهِ بُيُوتَ بَنِي عُبَادٍ وَبَعْضُ الغَشْمِ أَشْفَى لِلصُّدُورِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ يُوفَى مِنْ كُلَيْبٍ إذا برزتْ مخبأة ُ الخدورِ
وَهَمَّامَ بْنَ مُرَّة َ قَدْ تَرَكْنَا عليهِ القشعمانِ منَ النسورِ
ينوءُ بصدرهِ وَ الرمحُ فيهِ وَيَخْلُجُهُ خَدَبٌ كَالْبَعِيرِ
قَتِيلٌ مَا قَتِيلُ المَرْءِ عَمْروٌ وَجَسَّاسُ بْنُ مُرَّة َ ذُو ضَرِيرِ
كَأَنَّ التَّابِعَ المِسْكِينَ فِيْهَا أَجِيرٌ فِي حُدَابَاتِ الْوَقِيرِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍ إِذَا خَافَ المُغَارُ مِنَ الْمُغِيرِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍ إِذَا طُرِدَ اليَتِيمُ عَنِ الْجَزُورِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍ إذا ما ضيمَ جارُ المستجيرِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍ إذا ضاقتْ رحيباتُ الصدورِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍ إِذَا خَافَ المَخُوفُ مِنَ الثُّغُورِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍ إِذا طَالَتْ مُقَاسَاة ُ الأُمُورِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍ إِذَا هَبَّتْ رِيَاحُ الزَّمْهَرِيرِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍ إِذَا وَثَبَ المُثَارُ عَلَى المُثِيرِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍ إِذَا عَجَزَ الغَنِيُّ عَنِ الْفَقِيرِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍ إِذَا هَتَفَ المُثَوبُ بِالْعَشِيرِ
تسائلني أميمة ُ عنْ أبيها وَمَا تَدْرِي أُمَيْمَة ُ عَنْ ضَمِيرِ
فلاَ وَ أبي أميمة َ ما أبوها مَنَ النَّعَمِ المُؤَثَّلِ وَالْجَزُورِ
وَ لكنا طعنا القومَ طعناً على الأثباجِ منهمْ وَ النحورِ
نَكُبُّ الْقَومَ لِلأذْقَانِ صَرْعَى وَنَأْخُذُ بِالتَّرَائِبِ وَالصُّدُورِ
فَلَوْلاَ الرِّيْحُ أُسْمِعُ مَنْ بِحُجْرٍ صليلَ البيضِ تقرعُ بالذكورِ
فِدى ً لِبَنِي شَقِيقَة َ يَوْمَ جَاءُوا كاسدِ الغابِ لجتْ في الزئيرِ
غداة َ كأننا وَ بني أبينا بجنبِ عنيزة رحيا مديرِ
كَأَنَّ الْجَدْيَ جَدْيَ بَنَاتِ نَعْشٍ يكبُّ على اليدينِ بمستديرِ
وَتَخْبُو الشُّعْرَيَانِ إِلَى سُهَيْلٍ يَلُوحُ كَقُمَّة ِ الْجَبَلِ الْكَبِيرِ
وَكَانُوا قَوْمَنَا فَبَغَوْا عَلَيْنَا فَقَدْ لاَقَاهُمُ لَفَحٌ السَّعِيرِ
تظلُّ الطيرُ عاكفة ً عليهمْ كأنَّ الخيلَ تنضحُ بالعبيرِ


القائل : المهلهل بن ربيعة - الزير 

الأحد، 16 ديسمبر 2012

فنون النثر في العصر الاموي

فنون النثر في العصر الأموي
 
أولاً : الخطابة :
أسهمت عوامل كثيرة في ازدهار الخطابة لعصر بني أمية من أهمها :
1ـ الموهبة البيانية : إذ كانت لا تزال للعرب سلائقهم السليمة ، ولم تفسد ألسنتهم بمجاورة الأمم الأعجمية والاختلاط بشعوبها ، وكانوا من البلاغة بحيث جعلهم الجاحظ في كتابه البيان والتبيين أرفع من جميع الأمم في الخطابة .
2ـ الحالة السياسية : امتشق الخطباء ألسنتهم في تصوير مذاهبهم السياسية يدعون لها ضد بني أمية ، يقابلها أنصار بني أمية بخطابة ملتهبة . من أبرز خطبائهم زياد ابن أبيه .
- إضافة إلى ما كان من خطابة القواد في الجيوش الغازية شرقاً وغرباً ، وما احتدم بين القبائل من خصومات قبلية جعلتهم يقتتلون ويخطبون متوعدين منذرين .
3ـ المحافل والوفود : التي امتد أثرها من العصر الجاهلي . وكان يفد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وفود كثيرة يذكرون حاجاتهم في أمصارهم الجديدة .
- وتحولت هذه الوفود إلى سيول في عصر بني أمية تتحدث عن شؤون قومها وشكاواهم ، واتسع الأمر إلى خطب التهنئة والتعزية . وكانوا يسمون هذه المحافل بالمقامات ، وإن تصادف اجتماع الوفود تبارى الخطباء في إظهار سبقهم في الفصاحة والبيان . ومن أبرز خطباء المحافل الأحنف بن قيس .
4ـ الوعظ الديني : إضافة إلى خطب الجمع والأعياد لم تلبث جماعة من الخطباء أن عاشت في حياتها تعظ الناس ، وظهرالقصاص الذين كانوا يقصون على الناس مازجين قصصهم بالتفسير والحديث وأخبار الكتب السماوية . ومن ابرز خطباء هذه الفئةالحسن البصري .
5ـ الحياة العقلية : ارتقى العقل العربي بما أصاب من كنوز الثقافات الأجنبية ، فإذا جدل كثير ينشب في مسائل العقيدة ، وتكونت فرق الجبرية والمرجئة والقدرية والمعتزلة ، وقامت بينهم المناظرات العنيفة ، التي حشدوا لها ما يمكن من أدلة نقلية وعقلية مدارها البرهان المنطقي .
- وعلى هذا النحو انبثق علم  الكلام ، وانبثقت معه صورة خطابية جدلية هي صور المناظرة والمحاورة ، فكان الناس يجتمعون من حول أصحاب هذه الصور في حلقات ، مما كان له أثر كبير في رقي الخطابة رقياً بعيداً .
******************
ثانياً : الكتابة .
- كان العرب في معظمهم أميين حتى جاء الإسلام وحثهم على العلم ، وكان لاختلاطهم بالأعاجم دور في أن يفهموا فكرة الكتابوأنه صحف يُجمع بعضها إلى  بعض ، فأخذوا يتحولون بسرعة من أمة لا تعرف من المعارف إلا ما حواه الصدر ووعته الآذان إلى أمة كاتبة .
ومن أوائل ما عنوا بتدوينه في العصر الأموي :
- أخبار آبائهم في الجاهلية وأنسابهم وأشعارهم ، وأسهمت القبائل في هذا التدوين ، ففي العصر الأموي تكون بالبصرة والكوفة جيل من الرواة معني بتدوين ذلك ، وخير من يمثلهم أبو عمرو بن العلاء .
- كل ما يتصل بدينهم الحنيف ، فقد تأسست في كل بلدة إسلامية مدرسة دينية عنيت بتفسير القرآن ورواية الحديث وتلقين الناس الفقه وشؤون التشريع .
- مغازي الرسول صلى الله عليه وسلم ، وضُمت إليها مادة تاريخية كبيرة عن الفتوح الإسلامية وأخبار الخلفاء الراشدين وخلفاء بني أمية .
- أخبار الأمم السالفة من ملوك العرب وأخبار عاد وثمود ولقمان وجرهم وممالك طسم وجديس وملوك حمير والقرون الغابرة .
- ونقلوا عن الموالي بعض معارفهم في العلوم المختلفة .
- وكان مما دونوا جملة رسائلهم السياسية ، ودونوا كثيراً من خطبهم خاصة خطب الخلفاء والنابهين من الوعاظ وغيرهم .
- وكثيراً من رسائلهم الوعظية والشخصية . فقد شاعت في أواخر القرن الأول كتابات وعظية كثيرة ، واشتهر عمر بن عبد العزيزبأنه كان يكتب إلى الوعاظ ليرسلوا إليه بعظاتهم . أما الرسائل الشخصية فشاعت بحكم تباعد العرب في مواطنهم ، وبتأثير بعض ظروف من موت يقتضي التعزية أو ولاية تقتضي التهنئة أو شفاعة عند وال لقريب أو صديق أو عتاب أو اعتذار .
وفي كل ذلك ما يدل على اتساع حركة التدوين في العصر الأموي .
 
الدواوين :
- معروف أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو أول من دون الدواوين في الإسلام ، وأنه قد استعار هذا النظام من الفرس الأعاجم إذ أحس بحاجته إلى سجلات يدون فيها أسماء الجند وأموال الفيء والغنائم ، فوضع بذلك أساس ديواني الخراج والجند .
- لما ولي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه الخلافة اتخذ ديوانين هما : ديوان الرسائل وديوان الخاتم وفيه تختم الرسائل الصادرة عنه حتى لا يغيرها حاملوها إلى الولاة .
- والذي يهمنا هو ديوان الرسائل ، لأن أصحابه كانوا يدبجون على ألسنة الخلفاء والولاة . وبحكم وظيفتهم كانوا يختارون من أرباب الكلام وأصحاب اللسن والبيان ، وكان على كل منهم أن يحاول إظهار براعته ومهارته في تصريف الألفاظ وصياغة المعاني حتى يروق من يكتب على لسانه ، وينال رضاه واستحسانه .
- فالخليفة لم يعد يملي كتبه على كُتّابه كما كان الشأن في القديم ، بل أصبح الكاتب يكتب الرسالة ثم يعرضها عليه ، وبالتاليأصبح الضمير في الخطاب ضمير الغائب لا ضمير المتكلم .  
- وكانوا يعنون بالطوامير والقراطيس التي يكتبون فيها ، كما عنوا بخطوطهم .
- وكان ديوان هشام بن عبد الملك مدرسة كبيرة رقي فيها النثر الفني لهذا العصر إلى أبعد غاية ، إذ كان يتولى ديوان الرسائلسالم مولى هشام ، فأخذ يخرج غير كاتب ، واشتهر من تلاميذه اثنان : ابنه عبد الله ، وصهره عبد الحميد .
 
عبد الحميد الكاتب :
- هو عبد الحميد بن يحيى بن سعيد من موالي بني عامر بن لؤي وهو فارسي الأصل .
- قرأ في أدب الفرس السياسي ، واتصل كذلك بالثقافة اليونانية عن طريق غير مباشر ، وهو أستاذه سالم الذي كان يحسنها وينقل عنها أحياناً ، وكان يضيف إلى ذلك ثقافة واسعة بالشعر العربي .
- وهو بدون ريب أبلغ كُتابِ العصر وأبرعهم . وقد سماه الجاحظ عبد الحميد الأكبر ، حتى لقد قيل : ( فتحت الرسائل بعبد الحميد وخُتمت بابن العميد ) .
- تحولت الرسائل على يديه إلى رسائل أدبية بالمعنى الدقيق كأنه حاكى بذلك رسائل الفرس التي أثرت عن الساسانيين ، فقد مضى يحاكيها لا محاكاة طبق الأصل ، وإنما محاكاة تمثل وابتكار .
- من ذلك رسالته إلى الكُتّاب ، التي وصف فيها صناعة الكتابة وأهمية الكُتاب في تدبير الحكم وما ينبغي أن يتحلوا به من آداب ثقافية وأخرى خُلُقية وسياسية تتصل بالخلفاء والولاة والرعية .
 
خصائص أسلوب عبد الحميد في رسائله :
1ـ رسائله الأدبية تكتب في موضوعات مختلفة من الإخاء وقيادة الحروب والصيد . وأخذت تزاحم الشعر وتقتحم عليه بعض ميادينه كوصف الخيل والسلاح ووصف الصيد .
2ـ وهي لا تكتب في ذلك كتابة موجزة ، بل أصبح أساساً فيها أن تتفنن في القول وتشعّب المعنى معتمدة على الثقافات الأجنبية والعربية المختلفة .
3ـ غزارة المعاني وترتيبها ، ووضوح وانكشاف الدلالة ، والبعد عن الغموض والخفاء .
4ـ العناية باختيار ألفاظ فيها عذوبة وحلاوة ، والبعد عن التوعر والغريب والوحشي .
5ـ العناية بالترادف الذي ينتهي إلى الازدواج الموسيقي الذي يؤكد المعاني ويثبتها في الذهن .
6ـ إضافة الطباقات والتصويرات التي تضفي على أسلوبه روعة بيانية خلابة .
 
***************

النثر في العصر العباسي

لنثر في العصر العباسي
تطوره وفنونه 

الخطـابة 

كان للخطابة شأن كبير في أوائل العصر العباسي؛ فقد كانت الدولة الجديدة في حاجة إلى ترسيخ الملك وإثبات حق العباسيين في الخلافة، وكان الخلفاء العباسيون الأوائل كالسفاح والمنصور والمهدي خطباء مصاقع، فازدهرت الخطابة في ذلك العصر. 
وكانت الخطبة تلقى على مسامع الناس لأغراض مختلفة، فهناك الخطب السياسية التي يلقيها الخلفاء والقادة في استقبال الوفود أو تحميس الجنود، وهناك الخطب الدينية التي تلقي في الأعياد والجمع، والخطب الاجتماعية في المدح أو الذم أو الاستعطاف أو العتاب. 
وقد امتازت الخطابة في أول العصر العباسي بجزالة الألفاظ، وعدم الالتزام بالسجع، وكثرة الاستشهاد بالقرآن الكريم والحديث الشريف، وغلبة الإِيجاز إلا ما تدعو الضرورة فيه إلى الإِطناب. 
وأشهر خطباء هذه الفترة السفاح، والمنصور، وداود بن على، وعيسى بن علي، وخالد بن صفوان، وشبيب بن شيبة. 
ولما استقرت الدولة العباسية، وفشت العجمة، وسيطر الأعاجم من بويهيين وسلاجقة على الخلافة، ضعفت الخطابة، وقويت الكتابة، فلم يعد الخلفاء قادرين عليها كأسلافهم، فأصبحت الخطابة مقصورة على بعض المناسبات الدينية كالعيدين والجمعة، وقد أناب الخلفاء والحكام غيرهم فيها. 
ثم ازداد الأمر سوءاً في آخر العصر العباسي، وضعفت الخطابة الدينية أيضاً، وأصبح خطباء المساجد يرددون خطب السابقين ويقرؤونها من كتبهم على المنابر، وأغلبها خطب مسجوعة متكلفة. 

الكتابة الفنيـة 

عندما قامت الدولة العباسية كانت الكتابة الفنية قد أصبحت ذات قواعد وأصول على يد عبد الحميد الكاتب. 
والعصر العباسي هو العصر الذهبي للكتابة الفنية؛ فقد نبغ فيه كبار الكتاب الذين جددوا في أساليب النثر ومعانيه، وفتحوا آفاقاً جديدة للكتابة. 
وقد ارتفع شأن الكتَّاب في العصر العباسي، فأصبح لكل خليفة أو وزير كاتب أو أكثر، وأنشئت لذلك الدواوين المتعددة، بل إن بعض الكتاب قد وصل إلى الوزارة بسبب قدرته على الكتابة الفنية، كما أن الكتابة قد حلت محل الخطابة في آخر العصر، وأزالت دولة الشعر من الصدارة الأدبية. 
وقد تعددت أنواع الكتابة في هذا العصر؛ فهناك الكتابة الديوانية مثل كتب البيعات وعهود الولاء وكل ما يصدر عن ديوان الرسائل معبراً عن رأى الخليفة أو الوزير في شؤون الدولة العامة، وسميت بالديوانية نسبة إلى صدورها من "ديوان الرسائل". 
وهناك الكتابات والرسائل الإِخوانية المتبادلة بين الكتاب في أمورهم الخاصة من مدح أو اعتذار أو تهنئة أو تعزية. 
وهناك الرسائل الأدبية التي يكتبها الأدباء والبلغاء لإِبراز قدرتهم وإبداعهم كرسائل الجاحظ وابن العميد. 
ويقسم مؤرخو الأدب الكُتَّاب في العصر العباسي إلى أربع طبقات، لكل طبقة رجالها وميزاتها الفنية: 
- الطبقة الأولى: وإمامها ابن المقفع، ومن أشهر رجالها: الحسن بن سهل، وعمرو بن مسعدة، وسهل بن هارون، والحسن بن وهب. 
وتمتاز هذه الطبقة بتنويع العبارة، وتقطيع الجملة، وتَوَخِّي السهولة، والعناية بالمعنى، الزهد في السجع. 
- الطبقة الثانية: وإمامها الجاحظ، ومن أشهر رجالها: الصولي، وابن قتيبة، وأبو حيان التوحيدي. 
وقد تابعت الطبقة الأولى في كثير من أساليبها، لكنها تمتاز بالاستطراد، ومزج الجد بالهزل، والإكثار من الجمل الاعتراضية، وشيء من الإطناب لتحليل المعنى واستقصائه. 
- الطبقة الثالثة: وإمامها ابن العميد، ومن أشهر رجالها: الصاحب بن عباد، وبديع الزمان الهمداني، والخوارزمي، والثعالبي. 
ومن خصائصها السجع بجمل قصيرة، والتوسع في الخيال والتشبيهات، والإكثار من الاستشهاد وتضمين المعلومات التاريخية والطرائف الملح، والعناية بالمحسنات البديعية. 
- والطبقة الرابعة: وإمامها القاضي الفضل، ومن أشهر رجالها: ابن الأثير، والعماد الأصبهاني الكاتب. 
وهذه الطبقة سارت على نهج الطبقة الثالثة في السجع والإكثار من المحسنات البديعية، إلا أنها غلبت في ذلك وأغرقت في التورية والجناس حتى أصبحت الكتابة عبارة عن ألفاظ منمقة مسجوعة، لكن ذلك كان على حساب المعنى. 


التوقيعـات 

التوقيعات جمع توقيع، والمراد: كلام بليغ موجز، يكتبه الخليفة أو الوالي في أسفل الكتب الواردة إليه المتضمنة لشكوى أو رجاء أو طلب إبداء رأي. 
والتوقيع الأدبي ليس التوقيع المعروف عندنا الآن (الإمضاء)، وإنما هو أقرب ما يكون إلى ما نسميه الشرح على المعاملات الواردة. 
والتوقيعات تمتاز بالإيجاز أولاً، وبالبلاغة ثانياً، وإصابة الغرض بحيث تغنى عن الكلام الكثير، وتتضمن رأياً واضحاً وإن كان موجزاً في الأمر المعروض. 
وقد عُنى العباسيون بفن التوقيعات وأبدعوا فيه، ولهم توقيعات مشهورة محفوظة، وقد يوقعون بآية كريمة أو حديث شريف أو بيت من الشعر متى ما كان ذلك مناسبا للغرض. 
ويقال: إن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أول من وقع في الكتب المعروضة ومنها كتاب ورد من سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه يستشيره في بناء دار له، فوقع على الكتاب بقوله: ابن ما يكنك من الهواجر وأذى المطر.

________________________________________ 

المقامـات 



التعريف اللغـوي: 
الأصل في المقامة أنها اسم مكان من أقام، ثم أطلقت على المجلس، فقيل: مقامات الناس، أي مجالسهم التي يتحدثون فيها ويتسامرون. 
قال زهير: 
وأندية ينتابها القول والفعل وفيهم مقامات حسان وجوهها 

ثم أصبحت تطلق على الحديث الذي يدور في مجالس السمر من باب المجاز المرسل. 

التعريف الاصطلاحي: 
أما المقامات في اصطلاح الأدباء فهي حكايات قصيرة، تشتمل كل واحدة منها على حادثة لبطل المقامات، يرويها عنه راوٍ معين، ويغلب على أسلوبها السجع والبديع، وتنتهي بمواعظ أو طرف وملح. 
أي إنها حكاية قصيرة، تقوم على الحوار بين بطل المقامات وراويها. 
والمقامات تعتبر من البذور الأولى للقصة عند العرب، وإن لم تتحقق فيها كل الشروط الفنية للقصة. 


خصائص المقامـات 


1- أسلوب المقامات مملوء بالصناعة اللفظية من جناس وطباق والتزام تام بالسجع. 
2- تغلب على ألفاظها الغرابة. 
3- مليئة بالقصص والحكم والمواعظ. 
4- يختار كاتب المقامات لمقاماته بطلاً تدور حوادث المقامات حوله، وراوية يروي تلك الأحداث. فبطل مقامات بديع الزمان الهمداني أبو الفتح الإسكندري، وراويها عيسى بن هشام. وبطل مقامات الحريري أبو زيد السروجي، وراويها الحارث بن همام وهكذا. 
5- للمقامات فائدة تعليمية، فعندما يحفظها شداة الأدب فإنها تزودهم بذخيرة لغوية مفيدة. 
6- يدور أغلبها على الاحتيال والطواف بالبلدان لجلب الرزق. 


تاريخهـا 


يقال: إن أول من أنشأ المقامات في الأدب العربي هو العالم اللغوي أبو بكر بن دريد (المتوفى عام 321 هـ)، فقد كتب أربعين مقامة كانت هي الأصل لفن المقامات، ولكن مقاماته غير معروفة لنا. 
ثم جاء بعده العالم اللغوي أحمد بن فارس (المتوفى عام 395 هـ)، فكتب عدداً من المقامات أيضاً. 
ثم جاء بعده بديع الزمان الهمذاني، وكتب مقاماته المشهورة، وقد تأثر فيها بابن فارس حيث درس عليه. ويعتبر البديع هو الرائد الحقيقي للمقامات في الأدب العربي. 
ثم جاء بعده كتاب كثيرون، أشهرهم أبو محمد القاسم بن على الحريرى صاحب المقامات المشهورة بمقامات الحريري. 
ثم كثر كتاب المقامات كالزمخشري العالم اللغوي المفسر، وقد سمى مقاماته (أطواق الذهب)، وابن الاشتركوني السرقسطي الأندلسي (توفي عام 538 هـ)، صاحب المقامات السرقسطية، وبطلها المنذر بن حمام، وراويها السائب بن تمام، ومقامات الإِمام السيوطي. 
وفي العصر الحديث أنشأ محمد المويلحي حديث عيسى بن هشام، وناصيف اليازجى "مجمع البحرين"… 
وقد قال بعض الباحثين: إن المقامات قد انتقلت إلى الأدب العربي من الأدب الفارسي. وهذا الرأي غير سليم، فإن المقامات فن عربي النشأة، وقد انتقلت تعد ذلك إلى الأدب الفارسي بفضل بديع الزمان الهمذاني؛ فالأدب الفارسي متأثر في مقاماته بالأدب العربي لا العكس.

فصاحة العرب




قال يهودي لعلي بن أبي طالب  رضي الله عنه- : مالكم لم تلبثوا بعد نبيكم إلا خمس عشرة سنة حتى تقاتلتم ؟
فقال علي  رضي الله عنه - : ولم أنتم لم تجف أقدامكم من البلل حتى قلتم ( يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة).

وجد الحجاج على منبره مكتوباً (قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) فكتب تحته ( قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)



قيل إن معن بن زائدة دخل على المنصور فقال له : هيه يا معن تعطي مروان بن أبي حفصه مائة ألف على قوله:
معن بن زائدة الذي زادت به ..\\.. شرفاً على شرف بنو شيبان

فقال : كلا يا أمير المؤمنين إنما أعطيته على قوله :
ما زلت يوم الهاشمية معلنا ..\\.. بالسيف دون خليفة الرحمن
فمنعت حوزتــه وكنت وِقاءهُ ..\\.. من وقـــع كل مُهند و سِنان

فقال : أحسنت والله يا معن , وأمر له بالجوائز والخِلع .

قال معاوية يوماً : أيها الناس إن الله حبا قريشاً بثلاث ... فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) ونحن عشيرته الأقربون . 
وقال تعالى : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ) ونحن قومه . وقال تعالى : (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ) ونحن قريش ..فأجابه رجل من الأنصار فقال : على رِسلِك يا معاوية فإن الله تعالى يقول : (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ ) وأنتم قومه .. 
وقال تعالى : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) وأنتم قومه .. 
وقال تعالى (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) وأنتم قومه .. ثلاثة بثلاثة ولو زدتنا لزدناك .


قال رجل لصاحب منزل : أصلح خشب هذا السقف فإنه يقرقع . قال : لا تخف فإنه يسبّح . قال : إني أخاف أن تدركه رقة فيسجد .






قال معاوية لرجل من اليمن : ما كان اجهل قومك حين ملّكوا عليهم امرأة , فقال أجهل من قومي قومك الذين قالوا حين دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم 
( اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) ولم يقولوا : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا إليه .




ذبحت عائشة  رضي الله عنها  شاة وتصدقت بها وأفضلت منها كتفاً فقال لها النبي صلى الله عليها وسلم 

(( "ما عندك منها" ؟ فقالت : ما بقي منها إلا كتف , فقال : "كلها بقيت إلا كتفاً"



كان عَمرو بن سعد بن سالم في حرس المأمون , فخرج المأمون ليلة يتفقد الحرس . فقال لعمرو : من أنت ؟! 
قال : عمرو ( عمّرك الله ) بن سعد ( أسعدك الله ) بن سالم ( سلّمك الله ) فقال : أنت تكلؤنا الليلة , قال : الله يكلؤك يا أمير المؤمنين وهو ( خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )
فقال المأمون :
إن أخا الهيجاء من يسعى معك ..\\.. ومن يضّر نفسه لينفعك
ومن إذا ريب الزمان صَدَعَـك ..\\.. شتَّتَ فيك شملَه ليجمعـك

ادفعوا إليه أربعة آلاف دينار .. فقال عمرو : وددت لو أن الأبيات طالت .


الهيجاء : الكريهة , الحرب




قال رجل لبعض العلوية : أنت بستان ,, فقال العلوي : وأنت النهر الذي يسقى منه البستان .



قال المعتصم للفتح بن خاقان وهو صبي صغير : أرأيت يا فتح أحسن من هذا الفص ؟ ! لفص كان في يده .
قال : نعم يا أمير المؤمنين اليد التي هو فيها أحسن منه . فأعجبه جوابه وأمر له بصلة وكسوة.



قيل إن رجلا سأل العباس  رضي الله عنه – : أأنت أكبر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟؟ فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر , وأنا ولدت قبله 

قالت الخنفساء لأمها : يا أماه كلما مررت بأحد بصق علي , فقالت امها : هذه تعويذة لحسنك



وقائلة ما بال جسمك لا يرى ..\\.. سقيماً واجسام المحبيــــن تسقــــمُ
فقلت لها قلبي بحبك لم يــبح ..\\.. لجسمي فجسمي بالهوى ليس يعلمُ